قليلة هي الوظائف التي لا تتطلّب امتلاك مهارات تعدّد المهام، وقليلون هم الموظفون الذين يتمتّعون برفاهية التركيز على مهمّة واحدة فقط في عالم الأعمال اليوم؟ إذ تتطلّب أغلب الوظائف أن يكون الموظفون قادرون على الموازنة بين المهام المتعددة التي تتنافس على طاقتهم ووقتهم. ويتوّقع أصحاب العمل من موظفيهم أن يحسنوا ترتيب أولوياتهم المتعددة. لذا وعند البحث عن فرصة عمل، أو التقديم للوظائف المختلفة، ضع في حسبانك أنّ أرباب العمل يرغبون في معرفة إذا ما كنت قادرًا على القيام بعدّة مهام في الوقت ذاته بنجاح. وهنا لابدّ أن تكون على استعداد لتشارك معهم أمثلة على هذه المهارة سواءً خلال المقابلة الوظيفية أو عن طريق سيرتك الذاتية. دعونا إذن نتعرّف أكثر على هذه المهارة المهمّة، وأهمّ الطرق التي تساعدك على اكتسابها وتطويرها.
ما هو تعدّد المهام أو الـ Multitasking؟
تعبّر مهارات تعدّد المهام أو الـ Multitasking عن القدرة على القيام بمختلف أنشطة العمل في الوقت ذاته، وتوزيع التركيز بين أكثر من مهمة في نفس الوقت. كنتيجة لتعدّد المهام الفعّال، يتمكّن الموظف من الإيفاء بمتطلبات العمل وخدمة أكثر من عميل أو زبون في الوقت ذاته بنفس الكفاءة والجودة بعيدًا عن ارتكاب أيّة أخطاء. أمثلة على تعدّد المهام في الوظائف المختلفة تعتبر هذه المهارة شائعة الانتشار في مختلفة الوظائف والمهن، فلا يكاد يخلو منها أيّ حقل من حقول الأعمال، وفيما يلي بعض الأمثلة على مهارات تعدّد المهام في مختلف الوظائف والمواقف الحياتية.
• الردّ على الهاتف وتحيّة الزبائن في ذات الوقت في مكتب الاستقبال في شركة ما.
• العمل على ثلاثة مشاريع تصميم جرافيكي في مراحل مختلفة في الوقت ذاته.
• تجهيز خمس طلبات طعام في الوقت نفسه.
• تصميم موقع إلكتروني جديد والعمل على تحديث مواقع أخرى في نفس الوقت.
• تأديب طالب في الصف أثناء شرح الدرس.
قيادة السيارة والتحدّث مع الشخص الذي يجلس بجانب مقعد السائق.
• إدارة عدد من حسابات التواصل الاجتماعي والعمل على مشروع للتسويق على البريد الإلكتروني في ذات الوقت.
مراقبة حالة الحركة الجوية أثناء قيادة الطائرة.
تحرير بيان صحفي والعمل على التحضير لحدث تسويقي في نفس الوقت.
كيف أطور مهاراتي في تعدّد المهام؟
فيما يلي مجموعة من الطرق والخطوات العملية التي تساعدك في تطوير قدرتك على مشاركة وقتك بين المهام المختلفة، أو ما يراه الآخرون كمهارة تعدّد المهام.
1- ضع قائمة مهام على الرغم من أنّه أمر واضح وضوح الشمس، إلاّ أنّ الكثير من الموظفين يهملون أهمّية إعداد قائمة بالمهام أو ما يُسمّى باللغة الإنجليزية To-do list. وأمّا المواعيد النهائية لتسليم المهام وتداخلها وكثرتها فتجعل عملية تحديد ما يجدر بالفرد القيام به أمرًا مستحيلاً على الدماغ.
احرص إذن على وضع قائمة بالمهام اليومية التي يتوجّب عليك إنهاؤها، فهي ستساعدك على تذكّر الأعمال المهمّة والبقاء متيقظًا لمواعيد التسليم القريبة. يمكنك الاستعانة بعدد من التطبيقات والبرامج المتخصصة في هذا الشأن، كما يمكنك كتابة قائمة مهامّك يدويًا، لكن في جميع الأحوال نحن ننصحك بإبقاء هذه القائمة قريبة منك لتراها دائمًا فلا تنسَ منها شيئًا.
2- رتّب أولوياتك تحديد الأولويات وترتيبها يعدّ الخطوة الأولى في درب النجاح. حيث أنّ أغلب رجال الأعمال الناجحين يتمكّنون من الحفاظ على حياة متوازنة بين العمل والحياة الخاصة لأنهم يعلمون تمامًا مقدار الوقت الذي يخصّصونه لإتمام كلّ مهمّة. تذكّر أنّ حياتك لا يجب أن تتمحور حول العمل والعمل فقط. لابدّ أن تستمتع بوقتك أحيانًا، وتخلق توازنًا بين حياتك وعملك. إن تمكّنت من ترتيب أولوياتك، وتحديد الأهمّ والأقل أهمية ومن ثمّ توزيعها على أيام الأسبوع والالتزام بتنفيذها في الوقت المناسب، ستجد أنّك أصبحت أكثر قدرة على إنجاز مهام أكثر خلال وقت قصير وبالتالي الحصول على وقت أكبر للراحة والاستجمام.
3- اعمل على المهام المتشابهة إحدى الطرق الناجحة للانتقال بين المهام بسهولة تتمثّل في العمل على المهام المتشابهة، أو المرتبطة ببعضها البعض. حيث أنه وفي حال العمل على عدّة مهام مختلفة أو متباعدة عن بعضها البعض، تزداد فرصة فقدان التركيز وإضاعة المزيد من الوقت. لذا حاول دومًا أن تنجز الأعمال المتشابهة معًا لأن الانتقال بتركيزك بينها سيكون أسهل واحتمالية إتمامها بشكل صحيح ستكون أعلى.
4- تجنّب المُلهيات إن أردت إنجاز أعمالك على أتمّ وجه، فلابدّ لك من تجنّب كلّ ما يشتّت انتباهك، خاصة عند القيام بتعدّد المهام، فهذه العملية تستنفذ الكثير من طاقتك، وفي حال كان هناك ما يشتت انتباهك فسوف يصبح الأمر مرهقًا أكثر. ابحث عن مكان مناسب لتعمل فيه كما ترغب دون أيّ إزعاج أو مقاطعات، أو أصوات. صحيح أنّ البعض لا يمانعون في العمل بوجود درجة مقبولة من الضجيج والأصوات من حولهم، لكنّ الأغلبية يتفقون على أنّ المقاطعات المستمرة ترهق تركيزهم وتقلّل من إنتاجيتهم وأدائهم. يمكنك أيضًا أن تستعين بنوع معيّن من الموسيقى للانعزال عن المحيط من حولك والتركيز بشكل أفضل. أو البحث عن مكان أكثر هدوءًا. في كلّ الأحوال الأمر يعود إليك. اختر جوّ العمل المناسب لك وحاول خلقه في كلّ مرّة تعمل فيها.
5- توكيل المهام للآخرين نبقى في النهاية بشرًا، وفي بعض الأحيان لا يمكننا إتمام كلّ المهام في وقت واحد، فتظهر هنا أهمية توكيل بعض المهام للآخرين. حيث تُتيح لك هذه الخطوة التركيز بنسبة 100% على المهام الأكثر أهمية. لا يعني توكيل المهام أنّك لا تتمتّع بالكفاءة أو المهارة اللازمة، بل على العكس من ذلك، يُشير ذلك إلى أنّك تعرف قدراتك وطاقاتك حقّ المعرفة، وتدرك محدّداتك كما تشير هذه الخطوة إلى مدى استعدادك على مشاركة ضغط العمل، الأمر الذي يؤدي في الغالب إلى زيادة الإنتاجية وإتمام عدد أكبر من المهام في الوقت المناسب.
6- اجعل هذه المهارة عادة لك
للعادات تأثير قوي للغاية على الروتين اليومي، ليس هذا وحسب، بل على صحّتنا ومزاجنا أيضًا. وكما أنّ التدخين مثلاً عادة سيئة تؤثر على صحّة صاحبها ومزاجه، فيمكن لتعدّد المهام أن يصبح عادة إيجابية تحقق لنا إنتاجية أعلى وأداءً أفضل. درّب عقلك على الانتقال بتركيزه من مهمّة لأخرى بسرعة من خلال أداء عدد أكبر من المهام في الوقت ذاته، ومع مرور الوقت وتكرار العملية سيصبح الأمر عادة طبيعية تقوم بها تلقائيًا.
7- خذ وقتًا مستقطعًا لمراجعة مهمّاتك
إحدى أهمّ أخطار عملية تعدّد المهام تتمثل في أنّها تؤثر بشكل مباشر على ذاكرتك. والذاكرة أمر أساسي تعتمد عليه كفاءتك وأدائك. لنفترض أنّه عليك العمل على بعض الملفات المهمّة خلال يوم شاق مليء بالمهام الأخرى. قد تتمكّن من إنجاز هذه المهمّة في الوقت المناسب إلى جانب عدد من المهام الأخرى، لكن من الجيّد أيضًا أن تلقي عليه نظرة أخرى مع نهاية النهار بعد إنهاء جميع أعمالك، فهذه الخطوة تتيح لك تصحيح أيّة أخطاء لم تنتبه لها. وتساعدك على تجنّب ارتكاب ذات الخطأ في المرّات المقبلة الأمر الذي يرفع من كفاءتك خلال إنجاز المهام المتعدّدة.
8- خطّط لأعمالك مسبقًا
لتحقّق أداءً أفضل وتنجز مهمًا أكثر ابدأ بالعمل على المهام الأكثر تطلّبًا. ثمّ املأ الفراغات بين هذه المهام بمهمّات أخرى أقصر وأقلّ استهلاكًا للوقت والجهد. خصّص كذلك بعض الوقت الإضافي لإتمام هذه المهام، وللتخطيط لها قبل البدء فيها. تذكّر دومًا أنّ أرباب العمل عندما يؤكّدون على مهارة تعدّد المهام، فما يقصدونه في الحقيقة، القدرة على ترتيب الأولويات المختلفة ضمن الفترة الزمنية المحدّدة. ولن يمكنك الوصول إلى هذه النتيجة من دون تخطيط مسبق لكيفية أداء هذه المهمّات قبل البدء فيها. ضع دومًا خطّة واضحة للواجبات التي تمّ تكليفك بها، ولا تبدأ بالعمل مباشرة دون أن تعرف الخطوة التالية التي يجب عليك القيام بها. إذن هل تجد في نفسك شخصًا ماهرًا في تعدّد المهام؟ أم أنّك بحاجة لمزيد من التدريب والتمرين لتصل إلى هذه المرحلة؟ أيًّا كان موقعك الآن فلا تقلق، يمكنك دائمًا أن تتحسّن وتتطوّر ببعض التدريب والكثير من الإرادة والتصميم للتقدّم. أمّا نصيحتنا الأخيرة لك فهي في كيفية التعبير عن هذه المهارة في السيرة الذاتية.
لا تكتفِ بذكر حقيقة أنّك شخص يحسن العمل على عدّة مهام في الوقت ذاته، وإنّما اذكر أمثلة تدعم جملتك هذه، كأن توضّح كيف تمكّنت من العمل على عدّة مشاريع في وظائف سابقة، أو خلال مرحلتك الجامعية أو في حياتك الخاصة.